رحلة البحث عن الحقيقة جواد مراد الفصل 1651 الى 1660 كاملة
الفصل 1651: بلا معيار
أومأ أوغستس بسرعة وقال:
"مفهوم، سيدي!"
ثم نظر جاريد إلى فليكسيد وسأله:
"سيد فليكسيد، ندخل ونشوف وش فيه؟"
تنهد فليكسيد وهو يتأمل المدخل المظلم:
"ندخل... ونترك مصيرنا للحظ."
ابتسم جاريد بثقة وقال:
"لا تشيل هم. لو حسينا بأي خطر، ننسحب فورًا. إحنا جايين نستكشف بس."
دخل جاريد أولاً، ورفع طاقته الروحية لأقصى حد.
ما كان في مجال للتهاون هناك.
حاول استخدام حاسته الروحية لاستكشاف المكان، لكنه صُدم بأنه ما يقدر يستخدمها إطلاقًا.
مشى هو وفليكسيد بحذر…
سأله جاريد فجأة:
"تتوقع فيه أحد لا يزال حي في هذا الأثر القديم؟"
أجاب فليكسيد بهدوء:
"ممكن..."
اتسعت عينا جاريد بدهشة:
"بس هذي الطائفة عمرها آلاف السنين! كيف ممكن أحد يعيش كل هالمدة؟"
ضحك فليكسيد بخفة:
"التعاويذ عالم غريب، مثلها مثل الحبوب الروحية. فيه حبوب توقف الشيخوخة والموت، فأكيد فيه تعاويذ تسوي نفس الشيء."
سأله جاريد بفضول:
"وش شكل هذي التعاويذ؟ زي اللي ترسمها انت؟ لازم تكون على ورقة صفراء؟"
رد عليه فليكسيد بنبرة ضجر:
"بليز لا تقارن اللي أسويه أنا بالسحرة الحقيقيين! السحر الحقيقي ما له شكل محدد. ممكن يكون رمز في الهواء، أو نقش على حجر، أو حتى يتزرع داخل العقل. مو كل شيء لازم يكون ورقة صفراء!"
سكت جاريد محرجًا… واضح أن سؤاله كان سطحي جدًا.
واصل الاثنان السير بحذر… وفجأة، اهتز الأثر بالكامل!
صرخ فليكسيد:
"اللعنة! شكله بينهار فوق روسنا!"
ثم، اجتاحتهم موجة حرارة مرعبة، تلتها نيران ملتهبة!
بفضل ضوء النار، شافوا جثث على الأرض —
جنود الرداء النحاسي وأعضاء من طائفة غوترينشر!
صرخ جاريد:
"انسحب!"
سحب فليكسيد وبدأ يركض معه بسرعة للخروج.
لكن الجدران من الجهتين اشتعلت!
المدخل الوحيد صار بحر من اللهب!
تحول وجه جاريد للون الشاحب.
صاروا محاصرين بالكامل داخل النار.
قال فليكسيد بعبوس:
"يا ساتر! التعاويذ النارية هذي مو بسيطة… اللي فعلها ساحر محترف بدون شك."
سأله جاريد:
"وش الحل؟"
رد فليكسيد بسرعة:
"راح أجرب تعويذة تفادي النار. يمكن تنفع."
أخرج فرشاة خط، وعض طرف إصبعه، ثم بلل الفرشاة بدمه.
بدأ يرسم في الهواء… وبعد لحظات، تشكلت تعويذة حمراء متوهجة أحاطت به وبجاريد!
قال فليكسيد بثقة:
"يلا، امشِ وراي!"
شد جاريد معه، واندفعوا نحو اللهب.
نظر إليه جاريد بدهشة:
"ما كنت أدري إنك تقدر تكتب تعاويذ بالهواء بدون ورقة!"
الفصل 1652: التواضع
"تبًا! أنا دايمًا متواضع، بس هذا ما يعني إنك تقلل من شأني!"
صاح فليكسيد وهو يحدق في جاريد بنظرة غاضبة.
استمرت تعويذة تفادي النار بحمايتهم من حرارة النيران، فتقدم الاثنان بسرعة داخل الممر الملتهب.
لكن فجأة، ومع صوت "هسسس" عالي، انفجرت التعويذة!
وتجمعت النيران حولهم من جديد، ثم اجتاحهم موجة طاقة عنيفة قبل حتى ما يمديهم يتصرفون!
طُرح الاثنان في الهواء بقوة.
صرخ جاريد:
"جسد الغول!"
وفعل على الفور تقنيته الدفاعية، لتتغطى جسده بقشور متلألئة.
أما فليكسيد، فسحب تعويذة أخرى بسرعة، ولصقها على صدره.
رغم كل الحماية، كانت حرارة الهواء كافية لترميهم في الحائط، ثم تعود موجة أخرى وتقذفهم للخلف!
بعد دقائق…
انطفأت النيران، وهدأت الحرارة.
كان جاريد يسعل بشدة، ووجهه متفحم من الحريق.
لو ما فعل جسد الغول بسرعة، كان طلع من المعركة عاري تمامًا!
صرخ قلقًا:
"سيد فليكسيد!"
رآه ممددًا على الأرض، لا يتحرك.
أسرع إليه وساعده على الوقوف.
ضحك جاريد رغم حالهم، وكان وجه فليكسيد مغطى بالسواد كالفحم!
زمجر فليكسيد:
"وش فيك تضحك؟ كدنا نموت للتو!"
كانت ملابس فليكسيد مليئة بالثقوب، لكن لا تزال تستر جسده.
تنهد وقال:
"لحقت على نفسي في آخر لحظة. كان بيصير موقف محرج لو كنت طلعت لك بدون هدوم."
ثم نظر جاريد إلى الأنقاض أمامهم وقال بقلق:
"وهذا مجرد المدخل… وما وصلنا لطائفة سكايوراث بعد. لو هذه هي البداية، وش ممكن نواجه قدام؟"
رد فليكسيد بسرعة:
"أنا أقول نرجع! وش دخلنا بهالسالفة؟"
لكن جاريد أصرّ:
"بما إننا وصلنا هنا، لازم نشوف المكان."
وفعل جسد الغول مجددًا، وتقدم نحو الداخل بثبات.
فليكسيد، مجبرًا، أخرج تعاويذ جديدة وألصقها على نفسه، وهو يهمس:
"يا جماعة الخير اللي مسويين التعاويذ… حنا ما جايين نأذي أحد، بس نطالع شوي!"
الغريب… أنهم لم يواجهوا أي خطر بعدها!
هل كانت صلوات فليكسيد فعالة فعلًا؟
وأخيرًا، وصلوا إلى ساحة واسعة مغطاة بالأنقاض.
كان واضحًا من حجم الدمار أن معركة طاحنة دارت هنا…
وفي المنتصف، وقف بوابة حجرية ضخمة، محفور عليها اسم:
"طائفة سكايوراث"!
قال فليكسيد بانبهار:
"سكايوراث! هذا هو المكان!"
ركض جاريد فورًا نحو البوابة من الحماس، لكن…
بوم!
موجة هائلة من الطاقة ضربته فجأة، وطرحته على الأرض!
صرخ فليكسيد وهو يركض نحوه:
"كنت راح أقولك لا تتسرع! أكيد في أفخاخ هنا! تدخل كذا بدون تفكير؟ بتدفن نفسك بنفسك!"
ساعده على النهوض، ومسح جاريد الدم من فمه وهو يهمس:
"قوة هذي الموجة… مرعبة!"
كأنها قوة مقاتل ماركيز عظيم في أعلى مستوياته!
الفصل 1653: غادر الآن
قال فليكسيد محاولًا إقناع جاريد:
"يمكن لازم ننسحب الآن. ما إحنا مستعدين أبدًا، والدخول بهذه الطريقة مخاطرة كبيرة."
لكن جاريد هز رأسه بعزم:
"خلني أحاول مرة أخيرة. لو ما قدرت، نرجع."
اقترب جاريد من بوابة طائفة سكايوراث، ولكن هذه المرة بحذر شديد.
فعّل طاقته الروحية إلى أقصى حد، وبدأ يتقدم خطوة بخطوة.
وفجأة…
بززز!
اهتزّ الهواء بقوة، فتراجع جاريد بسرعة وقد امتلأ قلبه بالدهشة.
ثم ظهرت صورة رجل مسنّ بشعر أبيض في الهواء، كأنه إسقاط سحري.
صرخ الشيخ بنبرة باردة تخترق العظام:
"من يتجرأ على اقتحام هذا المكان؟ غادروا الآن!"
تجمّد جاريد في مكانه، مذهولًا.
أما فليكسيد، فسقط على ركبتيه فورًا وصرخ:
"تحياتي يا شيخ، أنا تلميذ بسيط!"
رد الشيخ بنفس البرود:
"من أنت؟ غادر الآن!"
تحدث جاريد بصدق:
"يا سيدي، نحن معجبون جدًا بتعاويذ طائفة سكايوراث. جئنا لطلب المعرفة فقط!"
زأر العجوز:
"يا أحمق! طائفة سكايوراث ليست مكانًا لكل من هب ودب. أغربوا عن وجهي الآن، وإلا لن أرحمكم!"
ثم اختفت صورة الشيخ فجأة…
وفي اللحظة التالية، انطلقت موجة طاقة عنيفة من عمق الطائفة!
لكن جاريد كان جاهزًا.
لوّح بقبضته الذهبية المتوهجة، وضرب الطاقة القادمة مباشرة!
بوووم!
ارتجت الأرض بشدة، ودوّى صوت عالي كأنه طنين الجحيم…
شعر جاريد بضيق شديد في صدره، وتراجع إلى الخلف رغماً عنه.
صرخ فليكسيد:
"خلنا نغادر يا جاريد! لا نتهور أكثر!"
أمسك به وسحب الاثنان نفسيهما بسرعة هائلة خارج الأطلال القديمة.
قال جاريد، مذهولًا:
"ما توقعت أبدًا إني بلقى شخص حي في مكان قديم عمره آلاف السنين!"
رد فليكسيد بوجه شاحب:
"ذا مو شخص حي. مجرد صورة محفوظة بتعويذة! بس الغريب… إنهم توقعوا إن في أحد بيجي يسعى خلف كنوزهم بعد كل هالسنين!"
نظر جاريد إليه واستشعر الخوف في عينيه…
كان فليكسيد مرعوبًا فعلًا!
تنهد جاريد وقال:
"واضح إن دخولنا لطائفة سكايوراث لازم يكون بخطة… الكتاب حطها في آخر صفحاته لسبب!"
آه… حتى جسدي الفريد وجسد الغول ما قدروا يتحملون الطاقة داخل المكان. وش ممكن نواجه لو دخلنا أعمق؟
وفي الخارج…
كان أوغسطس ورجاله ما زالوا ينتظرون.
تفاجأ الجميع برؤية جاريد وفليكسيد يعودان أحياء.
نظرات الإعجاب ملأت عيونهم، لكن أوغسطس لاحظ التعب والرماد على ملابسهما.
قال فورًا:
"سيد جاريد، نرجع للمقر ونرتاح شوي؟"
هز جاريد رأسه موافقًا، لكنه نظر للبوابة بحسرة وهو يغادر…
رغم كونه ماركيز فنون قتالية، جاريد تعرّض لهزائم متتالية…
أولًا: الرجال الغامضين اللي طاردوا هايلي.
ثانيًا: عائلة هايلي نفسها.
والآن: عجزه عن دخول الأطلال حتى وهو في قمة قوته.
كل هذا جرح كبرياءه بعمق…
واضح إني ما زلت بعيد عن القمة… العالم السماوي شيء آخر تمامًا.
الفصل 1654: الاستيلاء
بعد عودته من أطلال طائفة سكايوراث، طلب جاريد من أوغسطس أن يحرس الموقع، بينما عاد هو وفليكسيد إلى وايتسي.
في نفس الوقت، كانت عائلة سيمونز منشغلة بالتحضير لزفاف ميغان وتريستان، وهو حفل وعد جاريد سابقًا بحضوره.
وكانت هذه فرصة مثالية أيضًا ليراقب توني هوكسلي، خال ميغان، ويتأكد إن كانت لديه نوايا خبيثة.
جاء يوم الزفاف، وامتلأت القاعة بعشرات الشخصيات المهمة من رجال الأعمال في وايتسي، مما جعل الحفل يبدو ضخمًا ومبهرًا.
توني كان يتحرك كالنحلة داخل الحفل، يساعد في كل تفصيل صغير.
وبينما كانت ميغان تشاهده، شعرت بشيء من الارتياح…
لكن فليكسيد همس لجاريد، مشيرًا لطاولة معزولة في الزاوية:
"شفت ذولاك؟ كلهم أساتذة فنون قتالية كبار، بس واضح إنهم مو جايين يباركون لأحد!"
جاريد كان قد لاحظهم من البداية باستخدام حاسته الروحية…
ابتسم بهدوء وقال:
"خلنا ننتظر… قريب بيبان كل شيء."
انتهى الحفل، وصعد توني على المسرح، ممسكًا بالمايكروفون.
قال بصوت عالٍ وواثق:
"أولاً، أشكر الجميع على حضوركم حفل زواج ابنة أخي ميغان. والآن بعد زواجها وحملها، المفترض إنها تركز على بيتها وراحتها."
ثم تابع بنبرة حاسمة:
"لذا، أعلن رسميًا أنني سأتولى إدارة أعمال عائلة سيمونز من الآن فصاعدًا. وميغان ستنتقل للعيش في جاديبورو ولن تعود."
صمت للحظة ثم قال:
"وأتمنى منكم جميعًا استمرار التعاون معنا كما كنتم في السابق."
صمت صادم… ثم همسات وتساؤلات بين الحضور.
لكن ميغان انفجرت غضبًا:
"وش تقول يا خالي؟ من سمح لك تاخذ مكاننا؟ ومن قال إني راح أرحل عن وايتسي؟"
رد توني بابتسامة زائفة:
"ميغان، أنا بس أبغاك تتهنين. أنتي امرأة، ومكانك الطبيعي في البيت، مو إدارة الشركات. وبصراحة، أنا أدير أعمال سيمونز من سنة، والجميع يشهد بكفاءتي."
صرخت بغضب:
"لا تنسى نفسك! أنت مجرد موظف عندنا، وأقدر أطردك بأي لحظة!"
تدخل تريستان ببرود:
"وتفكر نفسك مين عشان تستولي على كل شيء؟"
ضحك توني بسخرية:
"أنا يمكن ما أكون أحد، لكن أتوقع تعرفون هذولاك اللي هناك…"
قفز الرجال الجالسين على الطاولة المشبوهة إلى المسرح.
هالة سادة الفنون القتالية ملأت القاعة، وأصبح الجو مشحونًا بالتوتر والهيبة.
لكن تريستان ظل ثابتًا، رغم إدراكه أنه لا يستطيع مواجهتهم وحده.
لكنه كان واثقًا… لأن جاريد معه.
قال تريستان بنظرة حادة:
"معتمد على هالناس تسرق ممتلكات عائلة سيمونز؟"
رد توني بثقة متغطرسة:
"بالضبط. من في وايتسي يقدر يهزمهم؟ وما راح أكتفي بسيمونز… حتى العائلات الكبيرة هنا، لي نصيب منها!"
نظرة جاريد كانت مشتعلة… المعركة بدأت تلوح في الأفق.
الفصل 1655: استعراض القوة
صدمت كلمات توني الجميع حين أعلن رغبته في الاستيلاء ليس فقط على ممتلكات عائلة سيمونز، بل على حصص العائلات الثرية الأخرى في وايتسي.
صرخ أحد الحاضرين، رجل طويل ونحيل:
"من تظن نفسك؟ عندك وقاحة تتدخل في شؤون عائلات غيرك؟"
لكن الرد جاء دامٍ وبلا رحمة.
قفز توني فجأة أمام الرجل، وبحركة خاطفة، غرز يده في صدره وانتزع قلبه بوحشية!
الصمت عمّ القاعة… الخوف دبّ في النفوس.
الناس شهقت في صدمة، البعض أغلق أعينهم، وآخرون وقفوا جامدين مكانهم لا يصدقون ما رأوه للتو.
ابتسم توني بسادية، ورفع القلب المغمور بالدماء عاليًا قائلاً:
"هذا جزاء كل من يتفلسف زيادة!"
كانت ميغان على وشك الانهيار، أما تريستان فاحتضنها ونظر إلى توني بنظرة باردة وقال:
"ما راح تستولي على عائلتنا وأنا حي! لا تغتر بنفسك… في جاديبورو ما تسوى شيء!"
ضحك توني مستهزئًا:
"صح، في جاديبورو أنا نكرة. لكن هنا؟ من يقدر يوقفني؟"
"أنا."
جاء الصوت هادئًا لكن قويًا.
جاريد وقف بهدوء وتقدّم نحو المسرح.
تريستان تنفس براحة:
"السيد تشانس…"
ابتسم جاريد ابتسامة واثقة، بينما توني قال بازدراء:
"أنت؟ تحاول توقفني؟ انقلع قبل ما أموتك!"
ابتسم جاريد بهدوء وقال:
"ولو أبي أموت؟"
"في هالحالة… أحقق لك الأمنية!"
أطلق توني طاقته، ووجه ضربة راحة مباشرة إلى صدر جاريد.
لكن جاريد لم يتحرك شبرًا واحدًا.
عينيه كانتا مليئتين بالاحتقار.
بوووم!
ضرب توني، لكن النتيجة كانت صادمة… يده تحطّمت بالكامل!
وجهه ارتسمت عليه الصدمة والذهول.
جاريد نظر له بابتسامة خفيفة وقال بسخرية:
"لسا أبي أموت… تبي تحاول مرة ثانية؟"
في تلك اللحظة، فليكسيد قفز للمسرح:
"خلاص، كفيت ووفيت يا جاريد. خلني أستعرض شوي! فرصة زي هذي ما تتكرر!"
جاريد تنهد وتنحى جانبًا.
وقف فليكسيد أمام توني وقال بثقة:
"أنا عجوز، وأبي أموت من زمان، بس ما قدرت… تقدر تحقق لي الأمنية؟ أوعدك ما راح أرد الضربة."
وجه توني تحول للأحمر من الغضب.
قبل دقائق فقط، كان يفاخر بقوته، والآن… يتعرض للسخرية أمام الجميع.
جمهور الحفل بدأ يهمس بحماس، غير مصدقين ما يرونه.
"أنتم تماديتوا كثير!"
صرخ توني بغضب، وبدأت طاقته تتكثف، دوائر من الضوء بدأت تتجمع في كفيه، مشحونة بكل قوته.
فليكسيد ضاق عينيه وقال:
"ياه، ما سوى كذا مع جاريد… شكله ناوي علي!"
التوتر بلغ ذروته… والمواجهة الثانية على وشك الانفجار.
الفصل 1656: سرقت الأضواء
كان فليكسيد في ذروة مرحلة النواة الذهبية، ما يعادل أقوى مستوى من كبار أساتذة الفنون القتالية.
حتى بدون استخدام تعاويذه، كان يمكنه مجابهة توني… لكنها لن تكون معركة سهلة.
لذا، وبدلًا من المجازفة، صرخ على جاريد وسحبه:
"تعال أنت، وعلّم هالوقح درس ما ينساه!"
كان توني يغلي من الغضب.
"هذه مش لعبة أطفال… كل حركة فيها موت!"
تقدم جاريد بهدوء، مبتسمًا كعادته، ووقف أمام توني.
توني جهز هجومه وأطلقه:
"إلى الجحيم، أيها الوغد!"
أطلق ضربة راحة يد طاقية، محاطة بهالة مشرقة، مباشرة نحو صدر جاريد.
لكن جاريد… ظل ثابتًا.
بوووم!
النتيجة؟
توني طار من مكانه، وارتطم بطاولة، محطمًا إياها وساقطًا على الأرض بقوة!
بصق دماً، وهالته بدأت تضعف بوضوح.
الجمهور، مصدوم في البداية، بدأ بالتصفيق والتشجيع بقوة لجاريد.
أما فليكسيد، فشعر بخيبة أمل واضحة:
"اللعنة… سرقت الأضواء مرة ثانية!"
كان يأمل أن يسرق الأضواء بنفسه هذه المرة، لكن جاريد خطف الأنظار مجددًا.
في هذه الأثناء، كان توني يغلي غضبًا ويضغط على أسنانه.
قال بعنف:
"انتهى أمرك… أنا من طائفة غاترينشر، وسيدي سيقضي عليك!"
ابتسم جاريد بسخرية:
"طائفة غاترينشر؟"
توني ظن أن اسم الطائفة سيبث الرعب:
"صح! خفت الحين؟"
جاريد رد بضحكة ساخرة وقال:
"أنا؟ أخاف؟ يا سيد فليكسيد، المسرح لك!"
ابتسم فليكسيد على الفور وتقدم بحماس نحو توني.
قال له بهدوء:
"اتصل بسيدك… خليه يجي ويقتلني، أنا جاهز."
توني ارتبك:
"م-ماذا تريد؟"
"قلت لك اتصل، ما سمعتني؟"
ثم صفعه على خده صفعة صاخبة!
الجميع تجمد في مكانه.
من هؤلاء؟ لماذا لا يخافون من طائفة مثل غاترينشر؟
توني بقي صامتًا… فليكسيد لم ينتظر، وصفعه مرة ثانية!
"اتصل، ولا أقلب المكان فوق تحت!"
لم يجد توني بدًا، فتواصل مع أوغستوس وأخبره بما جرى.
"انتظروا… سيدي قادم مع رجاله!"
بدأ بعض الضيوف بالذعر، وقرروا المغادرة فورًا.
لم يريدوا التورط في صراع بين طوائف.
لكن فليكسيد كان متوترًا لسبب آخر:
"يا جماعة، لا تطلعون… مين بيشوف العرض لو رحتوا؟"
حين تجاهله الجميع، أخرج تعويذتين من جيبه، ولصقهما على إطار الباب.
وفجأة… لم يعد أحد يستطيع الخروج!
حتى مع أن الباب مفتوح، كان محكمًا بقوة سحرية.
قال لهم:
"أنا قلت لا تطلعون. كان ممكن تمشون لو سمعتوا الكلام، بس الحين؟ ارجعوا لمقاعدكم، ما راح يصير لكم شيء!"
الضيوف، مرغمين، عادوا إلى مقاعدهم ينتظرون وصول أوغستوس…
والعرض الحقيقي… على وشك أن يبدأ.
الفصل 1657: على أكتافه صعدوا
وصل أوغستوس ورجاله بسرعة، ودخل وهو يهدر:
"توني! من الذي تجرأ على احتقار طائفة غاترينشر؟ أخبرني!"
أسرع توني نحوه وقال:
"سيدي! هذان الرجلان هما من أجبراني على الاتصال بك!"
لكن حين نظر أوغستوس نحو جاريد وفليكسيد…
تبدّل لون وجهه فجأة، وشحب تمامًا.
"أنا من احتقر طائفتك. وماذا ستفعل حيال ذلك؟"
قالها فليكسيد وهو يقترب من أوغستوس بثقة.
توني صرخ:
"كيف تجرؤ على الحديث هكذا مع سيدي؟ سترى الآن—"
صفعة قوية أوقفته!
أوغستوس صفعه وقال:
"أحمق! كيف تجرؤ على إهانة السيد فليكسيد؟"
ثم التفت مبتسمًا باعتذار إلى فليكسيد:
"أنا آسف، لم أكن أعلم أنك هنا. سامحني على وقاحة تابعي."
توني تجمد من الصدمة.
كيف لسيده أن يخضع بهذا الشكل العلني؟!
الضيوف جميعهم انبهروا…
والأنظار كلها تحولت إلى فليكسيد، الذي كان يستمتع بكل ثانية من هذا المجد.
جاريد اقترب وقال ببرود:
"الموضوع ليس فقط احترام. تابعك حاول الاستيلاء على عائلة سيمونز. سواء كان بأمرك أو لا، اسمعني جيداً… أي أذى يصيبهم، سأبدأ بك شخصيًا."
أجاب أوغستوس فوراً بانحناءة:
"لا علم لي بذلك، سيد جاريد. لكن أعدك، طالما طائفة غاترينشر موجودة، فلن يجرؤ أحد على لمس عائلة سيمونز!"
"خذ رجالك وارحل."
أمره جاريد بإشارة يده.
أوغستوس استجاب فوراً، وأمر الجميع بالانسحاب.
تم تنظيف المكان، وعادت مراسم الزفاف لتُستأنف.
لكن… الأنظار كلها لم تكن على العروسين، بل على جاريد وفليكسيد.
الضيوف كانوا يتسابقون لتقديم الأنخاب لهم والتقرب منهم.
جاريد، الذكي، انسحب بهدوء من القاعة.
أما فليكسيد، فبقي مستمتعًا بالأضواء… حتى أسقطه السكر مغشيًا عليه!
في صباح اليوم التالي، استيقظ فليكسيد ليجد جاريد قد رحل إلى جيدبورغ.
ترك له جاريد رسالة:
"ابقَ في وايتسي وادرس أطلال طائفة سكيرايث القديمة. لو سنحت الفرصة، سأعود ونكمل التنقيب معًا."
فليكسيد تمتم وهو يتثاءب:
"هو مفكرني شغّال عنده؟"
ثم رمى الرسالة جانبًا، وغطّ في نوم عميق مجددًا.
في نفس الوقت، بدأ قصر ديراجون يستعيد حيويته في جيدبورغ.
ظل الظلال (ليفايثان) وقرية الأشرار (ذا فيلينوس فور) عادوا أيضًا إلى المدينة.
في الماضي، اضطروا للاختباء من اتحاد المحاربين…
أما الآن، وبعد تراجع نفوذ الاتحاد، بدأ الجميع يتقرّب من جاريد.
ديراجون، وظل الظلال، وقرية الأشرار أصبحوا حلفًا قويًا لمجابهة أي خطر.
أضف إلى ذلك مكانة جاريد كـ"سيد طائفة إله الطب" ودعمه من عائلة دن،
وأصبح بدون شك أقوى رجل في العاصمة جيدبورغ!
وفي هورينغتون،
تومي وفينيكس استفادوا من علاقتهم بجاريد، وأصبحوا أقوى عشيرة في المدينة.
نفوذ جاريد كان في قمته… والكل يتغنى باسمه.
أما في اتحاد المحاربين،
فكان سكايلا يعيش في حالة من اليأس التام.
"كيف يحدث كل هذا بعد أن توليت قيادة الاتحاد؟!"
المجد الذي كان للاتحاد… أصبح الآن مجرد ذكرى من الماضي.
الفصل 1658: العوالم السرية الثمانية
سكايلا كان يغلي من الغضب وصرخ:
"لا بد أن أقتل جاريد! لا بد!"
حقده على جاريد كان عميقًا لدرجة أنه كان على استعداد لقتله دون تردد.
لكن فجأة، سمع صوتًا عجوزًا وخشنًا يتحدث في رأسه:
"قتله ليس مستحيلاً، لكنك بحاجة إلى التخطيط بعناية."
سكايلا سأل بسرعة:
"يا سيدي، ماذا أفعل كي أقتله؟"
أجابه الروح العتيق:
"أنت تملك بالفعل أداة قتالية مقدسة. اجمع بعض محاربي “الروب النحاسي الأسود” وخطط لجذب جاريد إلى اتحاد المحاربين. هناك، تنصب له كمينًا وتُجهز عليه."
لكن سكايلا تردد:
"هل تعتقد أنه سيأتي بسهولة؟ لقد قُطعت كل العلاقات بيننا!"
ابتسم الروح وقال:
"بالطبع سيأتي… هل نسيت ما نملكه؟"
عندها تذكّر سكايلا جوزفين المحتجزة، وارتسمت ابتسامة شريرة على وجهه.
"صحيح… سأستخدم حبيبته طُعماً له. وبمجرد أن تطأ قدمه اتحاد المحاربين، لن يخرج حيًا!"
تابع الروح:
"المشكلة ليست فقط في نجاته… بل إذا استمر في النمو، سيُفقدك قيمتك أمام اللورد تانر، وسيطردك كأي تابع عديم الفائدة."
"أنت محق… لا يمكنني السماح لهذا بالحدوث. يجب أن أقتل جاريد مهما كلّف الثمن!"
قرر سكايلا بحزم، وبدأ باستدعاء محاربي "الروب النحاسي الأسود".
في الجانب الآخر، كان جاريد في جيدبورغ ينتظر عودة فرناندو وأخبار قصر السحابة البنفسجية.
وفجأة…
رنّ هاتفه، وكان المتصل: أسترِد.
"لا بد أن والدها قد عاد!"
قالها جاريد بحماس، ثم انطلق فورًا إلى مقر عائلة غانديرسون.
عند وصوله، وجده فرناندو في انتظاره. وقف الأخير مرحّبًا به:
"تفضل بالجلوس، سيد جاريد."
جاريد ابتسم وقال بتواضع:
"لا داعي للرسميات، نادني باسمي فقط."
ضحك فرناندو وقال:
"هاها، بعد ما حدث في جيدبورغ، لا أظن أنني أستطيع مناداتك إلا بـ“سيد”! أسترِد أخبرتني أنك تريد رؤيتي. ما الأمر؟"
لم يُطِل جاريد الحديث وقال:
"أبحث عن معلومات عن قصر السحابة البنفسجية. هل تعرف مكانه؟"
رد فرناندو وقد بدا عليه الحذر:
"حتى لو عرفت، لا يمكنك دخوله!"
جاريد سأل بدهشة:
"لماذا؟"
بدأ فرناندو يشرح:
"قصر السحابة البنفسجية، كغيره من الطوائف الكبرى، موجود في عالم سري. ليس في هذا العالم المادي. حتى عائلتي، قوتنا الحقيقية مخفية داخل عالم سري أيضاً. معظم العائلات التي تمارس طاقة الروح تسكن في تلك العوالم، بعيدًا عن أعين العامة."
"إن كنتم أنتم وقصر السحابة البنفسجية في عوالم سرية، ألا يمكنك اصطحابي إليهم؟"
ابتسم فرناندو قائلاً:
"نحن في عوالم مختلفة! قد نعيش في عوالم سرية، لكن كل عالم مستقل عن الآخر."
ثم تابع شارحًا:
"بعد معركة السماء والأرض القديمة، أنشأ حرّاس الكوبرو الثمانية ثمانية عوالم سرية. العائلات التي نجت من الحرب لجأت لتلك العوالم، ومنذ ذلك الوقت، عاشوا هناك."
ثم نظر في عيني جاريد وقال:
"الآن أظنك فهمت ما أقصده، أليس كذلك؟"
الفصل 1659: ضيف الليلة
أومأ جاريد برأسه وسأل فرناندو:
"هل من المستحيل التنقل بين العوالم السرية الثمانية؟"
أجابه فرناندو:
"ليس تمامًا. توجد مصفوفات تنقّل تسمح بالانتقال بين تلك العوالم. لكن المشكلة أن الشخص لا يستطيع استخدامها إلا مرة واحدة كل ثلاثة أيام، ولهذا لا يستخدمها الكثيرون."
استغرب جاريد:
"لماذا؟ ألن يكون من الرائع استكشاف العوالم الأخرى؟"
ضحك فرناندو وقال:
"سيدي جاريد، هل تود أن تجد نفسك في أرض غريبة تمامًا، وعليك البقاء فيها لثلاثة أيام؟ أؤكد لك أن مجرد ثلاث ساعات هناك كافية ليُنهب كل ما تملكه!"
ثم أضاف:
"سكان العوالم السرية، رغم أنهم مزارعون روحيون، إلا أن صفاتهم لا تختلف كثيرًا عن البشر في هذا العالم. المكر، الخداع، والأنانية موجودة في كل مكان."
بدأ جاريد يدرك حقيقة العوالم السرية—حتى في تلك العوالم، لا يسود الخير وحده.
ثم تذكر جاريد لقاءه السابق بـهايلي والرجال ذوي الملابس السوداء والخدم الأقوياء، فسأل:
"هل يمكن لسكان العوالم السرية الدخول إلى العالم الدنيوي؟"
أجابه فرناندو:
"بالطبع! ألم أعد أنا للتو من هناك؟ لكن وجودهم هنا لفترات طويلة يُبطئ نمو قوتهم الروحية، بل وقد يُضعفها. لذلك لا يأتون إلى هنا إلا عند الضرورة."
ثم أضاف بابتسامة حزينة:
"أنا أمثل عائلة غانديرسون في العالم الدنيوي، ولذلك مكثت هنا طويلًا ولم تتحسن قدراتي قط."
شعر جاريد أن هذا بالفعل ما لاحظه في هذا العالم: معظم المزارعين هنا ضعفاء مقارنة بما تخيله عن قوى الطاقة الروحية.
وربما، إن أراد الوصول إلى مراحل أعلى، عليه أن يدخل عالماً سرياً.
ثم قال بخجل:
"سيد غانديرسون، لدي طلب... لا أعلم إن كنت ستوافق."
فرناندو ابتسم وقال:
"تفضل يا سيد جاريد، لا تتردد."
"هل يمكنك أن تصحبني معك إلى العالم السري، كي أتعرف على تلك العائلات؟"
جاريد توقع الرفض، لكن فرناندو فاجأه:
"بالطبع! في الواقع، قبل أن أعود، أوصاني كبير الشيوخ في العائلة بأن أصطحبك لزيارة مقر عائلة غانديرسون!"
صُدم جاريد:
"م-ماذا؟ كبير الشيوخ يعرفني؟!"
ضحك فرناندو وقال:
"نعم، بالطبع! لقد أبلغتهم بكل إنجازاتك هنا. كبير الشيوخ مهتم جدًا بلقائك."
شعر جاريد بمزيج من الدهشة والإطراء. الآن فهم أن ما فعله هنا لم يذهب سُدى، بل تم توثيقه بالكامل في عالم آخر!
قال بحماس:
"متى نغادر إذن؟"
رد فرناندو:
"لدينا وقت، سيد جاريد. لمَ لا تقضي الليلة هنا في مقر العائلة؟ وسننطلق صباحًا."
وافق جاريد على الفور.
في تلك اللحظة، تبادل فرناندو نظرة ذات مغزى مع أسترِد، التي احمرّ وجهها خجلاً وكأنها فهمت تمامًا ما يدور في بال والدها…
الفصل 1660: أنا أحبك
أمر فرناندو بإعداد غرفة خاصة لـجاريد. وعندما دخل جاريد الغرفة، لاحظ أنها نظيفة جدًا، وتفوح منها رائحة عطرية حلوة، بالإضافة إلى أن ديكورها أنيق وناعم، وأثاثها يشي بأنها غرفة امرأة.
شعر جاريد بالدهشة والاستغراب من سبب وضعه في تلك الغرفة، لكنه لم يُفكر كثيرًا بالأمر، واستلقى على السرير مباشرة، متحمسًا ليوم الغد والدخول إلى العالم السري.
بعد حديثه مع فرناندو، أدرك أن العالم أكبر بكثير من تحالف المحاربين في جايدبورو.
غرق في نومٍ عميق... لكن في منتصف الليل، شعر فجأة بلمسة على جسده! برد فعل غريزي، ضرب يد الشخص المجهول.
استيقظ مذعورًا يتصبب عرقًا باردًا، مذهولًا من كيف تمكّن أحدهم من الاقتراب منه دون أن يشعر!
"آآآه!" صرخة أنثوية أوقفته عن ضربته التالية.
أسرع جاريد بإضاءة النور، لتتسع عيناه عندما رأى أسترِد واقفة أمامه.
لقد كانت هي من لمسته! وكانت ترتدي قميص نوم حريري رقيق، شفاف تقريبًا تحت الإضاءة...
سارع جاريد بتحويل نظره وقال:
"آنسة غانديرسون، هل أنتِ بخير؟"
ردت بغضب خفيف وشفاهها منفرجة بتذمر:
"لقد كنت قاسيًا! كيف تعامل امرأة بهذه الطريقة؟"
"آسف، لم أكن أعلم أنها أنتِ! لكن… ما الذي تفعلينه في غرفتي بهذا الوقت؟"
قالت بنبرة واثقة:
"هذه غرفتي، ولمَ لا أكون فيها؟"
ارتبك جاريد واعتذر على الفور:
"أنا آسف جدًا! لا بد أنني دخلت الغرفة الخطأ!"
كاد يغادر، لكن أسترِد أوقفته:
"لا، لم تخطئ. أنا مَن رتبت لك أن تنام هنا."
تجمّد جاريد، غير مصدق لما سمعه.
ثم قالت بخجل، وعيناها لا تفارقانه:
"أنا حقًا أحبك… أردتك أن تنام في غرفتي. أريد أن أكون لك، أن أكون امرأتك."
صُدم جاريد من صراحتها، وتراجع خطوتين:
"آنسة غانديرسون… هذا غير ممكن. أنا… لدي حبيبة بالفعل."
ابتسمت ابتسامة حزينة وقالت:
"أعلم، لكنني لا أهتم. لا أريد حتى لقبًا، فقط أريد أن أكون بجانبك."
ردّ جاريد وهو يحاول الانسحاب:
"أنا آسف… حقًا لا أستطيع…"
لكن قبل أن يغادر، عانقته أسترِد من الخلف وقالت بمرارة:
"هل لأنني لست جميلة بما يكفي؟ أم لأنني لست قوية؟ أم أن مكانتي العائلية لا تليق بك؟ فقط أخبرني لماذا؟"
شعر جاريد بدفء جسدها يحيط به، فأخذ نفسًا عميقًا وردد تعويذته لتهدئة قلبه، ثم قال:
"أنتِ جميلة جدًا، وأنت من أكثر النساء قوة وشخصية التقيتهن. وعائلة غانديرسون من أقوى العائلات. لكن… حبيبتي لا تزال أسيرة في تحالف المحاربين، وكل ما أفكر به الآن هو إنقاذها."
أبعد يديها برفق وقال:
"أنا آسف… لا أستطيع خيانة مشاعري."
بدأت الدموع تنهمر من عيني أسترِد وهي تقول بصوت مختنق:
"أنا لا أريد شيئًا، صدقني… حتى لو استخدمتني فقط، لا بأس… لماذا يحق لحبيبتك أن تكون معك، بينما لا أستطيع أنا؟ أنا أحبك بصدق، أنت دائمًا في بالي. حتى إن شعرتَ بالشفقة عليّ، لا بأس. رغم كثرة من يلاحقونني في جايدبورو، لم أهتم بأي منهم… أنا فتاة، وقد بادرت لأقول لك مشاعري. ألا يمكنك أن ترأف بي؟"
كانت كلمتها الأخيرة تتقطع بالبكاء، وقلب جاريد يتأرجح بين الوفاء والضعف أمام دموع امرأة قوية.